الإعاقة بين الجسد والنفس
للبرافسور في علم نفس ذوي الإحتياجات الخاصة دكتور مصطفى العدوي
مقدمة :
هناك العديد من الأبعاد قد ينحرف بها الفرد المعاق عن العادي, فهناك انحرافات عقلية وبدنية وانفعالية واجتماعية, نحددها ونفصلها بالآتي:
أولاً: الانحرافات العقلية:
من المبادئ التي يسلم بها علماء النفس أن الأفراد يختلفون فيما بينهم في نموهم العقلي,
ومايرتبط به من مظاهر سلوكية ونفسية متنوعة،وتظهر هذه الاختلافات في معدل النمو العقلي ومستواه.
النمو العقلي: نقصد بمعدل النمو العقلي مدى النمو الذي يحدث في وحدة زمنية معينة , أما مستوى النمو فتقصد به مستوى الأداء والإجراء المناسب الذي وصل إليه الفرد في الأعمال التي تتطلب عملاً عقلياً, كما نستدل عليه بما تعارفنا علية من محكات ومعايير ووسائل معينة.
فكل فرد ينمو بمعدل معين, ويصل إلى مستوى عقلي خاص به. وعلى الرغم من الفروق الموجودة بين الأفراد فإننا نستطيع أن نقول بأن هذه الفروق لا تبلغ في حجمها قدراً كبيراً بين أغلبية الأفراد, بحيث يمكننا أن نعتبر هذه الأغلبية كما لو كانت تمثل مجموعات متجانسة نسبياً من حيث مستوى النمو العقلي ومعدله, رغم الفروق النسبية الضئيلة بين أفرادها, ونستطيع أن نسمي هذه المجموعة بفئة العاديين, وهناك القليل من الأفراد تبلغ الفروق بينهم وبين العاديين قدراً كبيراً نسبياً, بحيث يمكننا أن نعتبر هذه الأعداد القليلة كما لو كانت تمثل مجموعات متجانسات نسبياً فيما بينها, وتختلف عن مجموعة العاديين, وقد نسمي هذا العدد القليل بغير العادين.
الاعاقه العقليه بين العاديين والمنحرفين :
يمكننا القول بان العاديين يمثلون الافراد الموزعين حول المتوسط العام, والذين لايزيد انحرافهم عن هذا المتوسط بوحده واحده من وحدات الانحراف المعياري , وإن غير العاديين او الشواذ هم يتجاوز انحرافهم عن متوسط العام بوحدتين من وحدات الانحراف المعياري , سواء كانت هذه الوحدات سالبه او مو جبه . وهذا هو المعيار الاحصائي للتقويم الاعاقي على منحنى جرسي (كالجرس ) وتتوزع الانحرافات الايجابيه والسلبيه عند تطرفي المنحى وتحدد بوحدته .
المتخلفون عقلياً :
وينقسم غير العاديين إلى فئتين , المجموعه الاولى , وهم من ينحرفون عن المتوسط العام , حيث النمو العقلي بوحدتين سالبتين , اي بتجاه يسار المنحنى , من وحدات الانحراف المعياري , ويطلق عليهم اسم المتخلفون عقليا .
المتفوقين عقلياً :
والفئه الثانيه هم من ينحرفون عن المتوسط العام , من حيث النمو العقلي بوحدتين موجبتين , اي بتجاه يمين المنحنى , من وحدات الانحراف المعياري, ويطلق عليهم اسم المتفوقون عقلياً.
ثانياً :العجز البدني:
وتضم حالات العجز البدني مجموعات وفئات تختلف عن بعضها اختلافا واضحا , غير انها تشترك جميعا في صفه واحده تميزهم عن غيرهم من العاديين . هذهي الصفه التي تضمهم في مجموعه واحده هي إنهم يعانون من عجز او اعاقه بدنيه , واما عن الاختلافات الموجوده بينهم , والتي تصنفهم إلى فئات متباينه فهي نوع وطبيعة العاهة او الاعاقه او العجز الذي يعانون منه واهما :
1- المكفوفون :
الشخص الكفيف هو من لايستطع ان يعتمد على حاسة الابصار ,لعجز او إعاقه فيها بأداء الاعمال التي يؤديها غيره بأستخدام هذه الحاسه . فالطفل الكفيف يعجز عن استخدام بصره في عمليه التعلم والمعرفه بمايستدعي تعديل الخدمات التربويه اللازمه لنموه بأسلوب يتفق وذلك العجز . وتنقسم
مجموعة المكفوفين إلى قسمين رئيسين :
فهناك المكفوفين تماما وهناك المكفوفون جزئيا , ويستطيع طبيب العيون تحديدها بدقه , وفق ادواته.
كما إن المكفوفين يختلفون في درجة الابصار والانحراف البصري وزوايه الرويا , وحدة وضع البصر من بعض النقاط والتشوهات البصريه المتباينه , ويتفاوتون ايضا في السن ووقت الاصابه بالعجز , فهانك من ولد كفيفا , وهناك من فقد بصره في السنوات الاولى من حياته, اوفقد بصره بعد ان يكون قد عاش فتره من حياته مبصرا , بحيث انه يحتفظ ببعض الصور البصريه التي تساعد على ادراك ما يحيط به من اشياء عن طريق اللمس , ونستطيع بوجه عام ان نقسم المكفوفين إلى اربعة اقسام , متخذين درجه او وحدة الابصار التي احتفظ بها والسن الذي حدث فيه العجز كأساس ومعيار التقسيم , ونتخذ من سن الخامسه اساسا لتقسيم المكفوفين إلى قسمين لأفتراضنا بأن الطفل الذي يفقد بصره قبل سن الخامسه لايستطيع ان يحتفظ بالصور البصريه لماكان يرى عندما يكبر , وقد ايدت ابحاث زولتان هذا الفرض وهذه الاقسام الرئيسيه هي التاليه :
1- مكفوفون كليا :ولودو او اوصيبو بعجزهم البصري قبل سن الخامسه .
2- مكفوفون كليا: اصيبوا بهذا العجز بعد سن الخامسه
3- مكفوفون جزئيا : ولدو اوا اصيبو بهذه الاعاقه قبل سن الخامسه.
4- مكفوفون جزئيا : اصيبوا بهذا العجز بعد سن الخامسه .
ولا شك ان هذه الفئات الاربع من العميان تحتاج إلى رعايه وخدمات تختلف عن الخدمات التي تقدم إلى العاديين , كما ان كل فئه تحتاج إلى خدمات خاصه تختلف عما تحتاجها الفئات الاخرى ,وعلى الرغم من ان بعض علما ء التربيه الخاصه قد يعاملون هذه الفئات كما لو كانت فئه واحده , إلا إننا نعتقد ان اختلاف نوع الخدمات امر لازم , وذلك لما أكدته الدراسات العلميه الجاده من فروق بينه .
2- الصم :
ثمة صعوبه في التميز بين ضعف السمع والصمم, ويميل الباحثون إلى تقسيم الصم إلى اولئك الذين ولدوا وهم لايستطيعون السمع او يسمعون إلى حد ضئيل جدا , او من اصيب سمعهم في حضانتهم او طفولتهم المبكره , بحيث لا يستطيعون النطق او تعلم اللغه عن طريق الاكتساب او المحاكاه .
اما من ضعف سمعهم فهم من كانوا افراد عاديين او يقتربون من العاديين في سمعهم , لذلك اكتسبوا الكلام واللغه بطريقه طبيعيه خلال سمعها منطوقه ثم عانوا بعد ذلك من عيب كلي او جزئي في استخدام حاسه السمع .
وتقوم هذه التقسيمات على اساس عوامل نفسيه وتعليميه اكثر من استنادها إلى اساس فسيولوجي,
لان المشكلات التي تواجه كل من الفئتين هي مشكلات نفسيه وتعليميه إلى حد كبير .
هذا يرتبط الصم بالبكم , وهو عدم القدره على الكلام والنطق , ويكادان يشكلان إعاقه واحده , لتلازم ارتباطهما معا .
3- المصابون بعيوب كلاميه
وتضم هذه الفئه من الاطفال والافراد غير العاديين , من يعانون من عيوب في الكلام والنطق , وقد تكون هذه العيوب مصاحبه ومرتبطه بعجز في السمع , وتنشأ العيوب الكلاميه واللفظيه اما لاسباب وظيفيه (نفسيه )كالهستيريا واشكال من العصابات , او لاسباب عضويه (جسميه ) ترتبط بالعوامل الوراثيه والولاديه والمرضيه والفيزيقيه .
4- المقعدون :
يعرف المقعد بانه الشخص الذي ادت اصابته بعيوب خلقيه (ولاديه) او مكتسبه إلى تعويق استخدمه لأطرافه وعضلاته وجسمه . وهو شخص عاجز عن التنافس على قدم المساواه مع الاشخاص العاديين من نفس عمره . فالشخص المصاب بعاهه يترتب عليها خلل في الاستخدام الطبيعي لعظامه او عضلاته او مفاصله يدخل في نطاق هذا التعريف . ويشتمل مفهوم الاقعاد والإعاقه للاشخاص المصابين بشلل الاطفال والتهاب العظام وسل العظام او المفاصل , فضلا عن المصابين بعيوب خلقيه (ولاديه ) مثل حنف القدم وسواها .
ثالثا : المنحرفون انفعاليا واجتماعيا :
تضم هذه الفئه من انحرفوا عن العاديين من حيث الخصائص والسمات الانفعاليه والاجتماعيه , وقد يعترض البعض عن الجمع بين الانحرافات الانفعاليه والانحرافات الاجتماعيه في قطاع واحد , مفضلين تقسيم هذه الفئه إلى قسمين من الافراد , هم المنحرفون انفعاليا والمنحرفون اجتماعيا , وخطر
هذا التقسيم يكمن في ان ظاهره الانحراف او الاعاقه تنطوي (في الاغلب الاعم ) على البعدين النفسي والاجتماعي متحدين معا بأواصر لايمكن فصمها .
رغم ان الاضطراب الانفعالي والاضطراب الاجتماعي من الممكن عدهما ظاهرتين مختلفتين إلى حد ما من الناحيه العياديه , وهذا الفصل والتمييز نظري بحت . فسوء التكييف النفسي هو سوء تكيف اجتماعي , والعكس في الاغلب صحيح . وهذا ما يستدعي ضمهما في فئه منحرفه واحده من غير العاديين .
ويعرف الشخص المضطرب انفاعليا واجنماعيا بأنه ذلك الفرد الذي يعجز عن التكيف مع محيطه, وتظهر تلك ألإعاقة في صورة سلوك غير مرغوب فيه وبصورة مستمرة, وتشوه في الأتصال السوي المثمر مع نفسه ومجتمعه وعمله وعلى الكثير من المستويات.
الخلاصة:
الإعاقة حالة معقدة ومتداخلة العوامل والأسباب , وبعض الإعاقات جسمية وبعضها الاخر نفسية وبض ثالث جسمية نفسية مشتركه. تنشأ الإعاقة لعوامل كثيرة ومتعددة, وبعضها داخلي كالعوامل الوراثية والولادية والفيزيولوجية والمرضية والهرمونيه والدوائية والنفسية والتربوية, وبعضها حارجي يتصل بالعوامل الفيزيقية (الإصابات) وبيئية واجتماعية وأسرية.
لكن في كل الأحوال , لابد من أجل معالجة الإعاقة والتكيف معها استخدام التقنيات النفسية والاجتماعية وبرامج التربية الخاصة والأطباء والمعلمين والأسرة, وذلك لوضع الشروط الصحية والرعاية الاجتماعية المناسبة لهذه الفئة الهامة في المجتمع.
منقول
