تداخلت ظلال الألوان.. صفرة الرمال، وزرقة الماء، وحمرة الشفق تحوطهم غلالة سوداء تنبئ بمجيء ليل بدأت طلائعه تنساب على شاطئ البحر... لمعت الأمواج لمغازلة الرمال.. فلامست أقدام تنظر صاحبتها إلى قرص الشمس الذي رحل مخلفاً أشعة تائهة.. أصغت إلى صوت أخيها الصغير:
- سأبني قلعة!
تجرفها المياه.. يضحك حاملاً إناء الماء والجاروف.. يشيد الحوائط يغرس أعواداً لتحمل القبة.. يصنع من الأحجار سواراً.. يتأملها حتى ترحل الشمس.. يتعثر في مشيته في طريقه للمخيم.. يتلفت وراءه ليراها.. فتفيض جوانبه بالأمان.
تتحول بناظريها إلى مكان على الشاطئ، ترتفع فيه شواهد.. يجرفها الماء.. تنضح عيناه بالدموع:
- سأبنيها..!!
يقصد الشاطئ.. يعمق للألواح يغطيها بإطارات قديمة.. ترتفع القبة لتخفيه خلفها.. يجرى فرحاً ممسكاً بيد أبيه العائد من البحر.. يروى أبوه للجيران أنباء قصف القرى المجاورة.. يجرى إلى أطراف المخيم مرسلا ً نظراته إليها، فتطمئن نفسه.. ينام بين أخوته يحلم بأن تتسع قلعته أهل المخيم.. تتكور على نفسها يتشكل جسدها على هيئه وضع جنيني.. ترتعد!!
وفى ذلك الفجر البعيد استيقظت نسمات الصبح على أصوات غادرة، وصيحات بعثرت السكون والأمان بين ريح الصبا.. استيقظ.. وجد من حوله يركضون.. تذكرها.. ركض صوبها.. مزقته قذيفة قبل أن يصل إليها!