قالت إحدى سكان ضاحية بدمشق الخميس إن المئات من الجنود السوريين في زي القتال اقتحموا منازل وألقوا القبض على عشرات الليلة الماضية في ضاحية سقبا بالعاصمة السورية التي شهدت مظاهرات حاشدة ضد الرئيس بشار الأسد في الأسبوع الماضي.
وقالت الساكنة التي طلبت عدم نشر اسمها لرويترز في إشارة إلى ماهر الأسد شقيق الرئيس "الجنود لم يحددوا من هم. اعتقد الناس أنهم من الفرقة الرابعة التابعة لماهر."
وأضافت "قطعوا الاتصالات قبل وصولهم. ليس هناك مقاومة. المظاهرات في سقبا كانت سلمية. ألقي القبض على العشرات."
وانضم الآلاف لمظاهرة في سقبا يوم الجمعة الماضي مطالبين بتنحي الأسد.
وأحكمت وحدات من الجيش مدعومة بالدبابات أمس الأربعاء حصار مدينتين أبدتا تحديهما للحكومة في مؤشر على أن الأسد يوسع من استخدام الجيش لسحق المظاهرات التي قامت ضد نظام حكمه الشمولي.
وانتشرت الدبابات والمدرعات حول بلدة الرستن وأقامت وحدات من الجيش نقاط تفتيش في أحياء تسكنها أغلبية سنية في بانياس بعد أيام من قمع الفرقة الرابعة من الجيش السوري بقيادة شقيق الأسد الاحتجاجات في مدينة درعا بجنوب البلاد بنيران المدفعية والأسلحة الآلية.
وقبل أن يداهم الجيش درعا مهد الانتفاضة السورية كان الأسد يعتمد أساسا على القوات الأمنية والشرطة السرية في مواجهة المظاهرات الحاشدة.
وقال مسؤول في حكومة عربية يتابع الأوضاع في سوريا "قرار الأسد باستخدام الجيش هو أكبر تصعيد للقوة يمكن أن يقوم به ومؤشر واضح على أنه لا ينوي على أي مصالحة."
ويقول خبراء عسكريون إن الرئيس الراحل حافظ الأسد زاد من سيطرة الأقلية العلوية التي ينتمي إليها على الجيش الذي يقوده حاليا في الغالب ضباط علويون ويسيطر عليه فعليا شقيق الرئيس.
ويمثل الجيش وجهاز الأمن القمعي أساسا لهيكل السلطة في سوريا التي هي في قلب عدد من الصراعات في الشرق الأوسط.
وتبقي السلطة الحاكمة في سوريا على علاقة تحالف مع إيران مناهضة لاسرائيل لكنها في الوقت ذاته حافظت على هدوء الجبهة في هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل منذ وقف لإطلاق النار رعته الولايات المتحدة عام 1974 .
وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن الجيش وقوات الأمن والمسلحين الموالين للأسد قتلوا 560 متظاهرا مدنيا على الأقل منذ اندلاع الاحتجاجات في درعا يوم 18 مارس اذار.
وفي يوم الجمعة الماضي قال سكان ونشطاء لحقوق الإنسان إن أفرادا من المخابرات العسكرية قتلوا بالرصاص 17 متظاهرا على الأقل في الرستن بعد استقالة 50 عضوا من حزب البعث الحاكم في البلدة.
وتم نشر الدبابات هناك بعد أن رفض السكان مطلبا من مسؤول البعث صبحي حرب بتسليم عدة مئات من الرجال مقابل بقاء الدبابات خارج البلدة.
وفي مدينة بانياس الساحلية التي يسكنها مزيج طائفي انتشر الجنود أمس في منطقة أسواق رئيسية تفصل بين أحياء العلويين والسنة.
وأقام الجيش نقاط تفتيش في مناطق السنة وألقى القبض على عشرة أشخاص. وقال نشط لحقوق الإنسان على اتصال بأشخاص في بانياس إن المخابرات العسكرية منعت قافلة من السيارات المحملة بالمواد الغذائية كانت في طريقها للأحياء المحاصرة.
وقالت المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية) إن هناك قوات مسلحة منتشرة في ضاحية عربين بدمشق وفي بلدة التل إلى الشمال من العاصمة حيث ألقت قوات الأمن القبض على 80 رجلا وامرأة وطفلا على الأقل.
وقالت سواسية في بيان حول الاعتقالات في التل إن خمسة رجال تجاوزت اعمارهم 70 عاما اعتقلوا وإن ما من أحد ينجو من الضرب والإهانة. وأضافت أن السلطات السورية احتجزت امرأتين رهينتين لأن قوات الامن لم تتمكن من العثور على ابنيهما.
وتقول السلطات إن عصابات مسلحة ومندسين هم من يسببون الاضطرابات وإنهم أطلقوا النار على المدنيين والقوات الأمنية.
وقال وسام طريف المدير التنفيذي لمنظمة إنسان الحقوقية إن أفراد أسر المعتقلين أكدوا احتجاز 2843 شخصا في أنحاء سوريا وإن الرقم الفعلي ربما يصل إلى ثمانية آلاف. وأكثر من 800 منهم احتجزوا من درعا وحدها.
ووصفت الولايات المتحدة التي تحسنت علاقاتها مع الأسد خلال العامين الماضيين الهجوم على درعا بأنه "وحشي".