[table id="post1797608" class="tborder" align="center" border="0" cellpadding="6" cellspacing="0" width="100%"][tr valign="top"][td class="alt1" id="td_post_1797608" style="border-right: 1px solid rgb(209, 209, 225);"][b]الصبر على البلاء
[size=9]
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله
تعالى وأطيعوه، وراقبوه ولا تعصوه، واعلموا أن الموعد قريب، والعرض عظيم
والحساب دقيق، كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالموفق من وفقه
الله لمراضيه، والمحروم من انغمس في معاصيه.
أيها الإخوة المؤمنون: لم
يجعل الله تعالى الدنيا دار بقاء وقرار وإنما جعلها دار انتقال وابتلاء
واعتبار، يخرج فيها الولدان صغاراً لا يميزون، ثم يبلغون فيكلفون ثم يشبون
ثم يهرمون، ثم يموتون فيدفنون، ثم يبعثون فيحاسبون، ومنهم من لا يدرك
الهرم ولا الشباب، وكل ذلك تقدير الحكيم العليم، وخلال هذا العمر الذي
قضاه الإنسان في الدنيا عاش في تقلبات وأحوال، فكم فرح وكم حزن، وكم ضحك
وكم بكى، وكم داخلته المسرات، وحاقت به الملمات، وخالطته المحزنات، ومرت
به الفترات، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت حتى تمنّى يومها أنه لم يخلق
أبداً، ثم اتسعت في وجهه حتى ظن أنه أسعد السعداء وهكذا الدنيا في
تقلباتها وأحوالها، والمؤمن يدرك الحكمة من ذلك، فيصبر في الضراء ويشكر في
السراء، ويعلم أن الكل من عند الله فيثاب على شكره ويسر على صبره، وما من
غم يغتمه ولا هم يهتمه ولا مرض يصيبه، ولا شيء ينال منه إلا كان فيه
مأجور، مهما كان يسيراً يحتقره العبد فإنه يؤجر عليه حتى الشوكة يشاكها،
أما الكافر فيلهو مع اللاهين ويخوض مع الخائضين، ويكذّب بيوم الدين، إن
أصابته سراء كفر وفجر وإن أصابته ضراء جزع وتسخط وليس له من الأجر شيء،
يغتم ويهتم ويتألم ويحزن وعاقبة أمره خسراً قال تعالى: [color=blue][ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ]{الحجر:3}، وقال جل جلاله: [ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ]{محمد:12}، وقال أيضاً: [ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ]{الفرقان:44}، هذه حياة الكافر وهذا مصيره، لم يسلم من أكدار الدنيا وحق عليه العذاب في الآخرة قال الله تعالى: [ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ]{فصلت:16}، وقال عز وجل: [ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ]{الحج:11}.أيها الإخوة: وفرق المؤمن
عن الكافر أن المؤمن رضي بالله رباً، فرضي بقدره وسلم بأمر الله واعتمد
عليه مع الصبر والمصابرة في الشدائد والنكبات والمصائب والملمات، فترى
الكافر يصيبه المرض فيجزع ويتسخط ويشكو للخلق، وإن صبر فصبره تجلد لا حسبة
فيه ولا إخلاص؛ لأن قلبه فسد بالكفر، ولا تصح النية من قلب فاسد حتى يصححه
بالإيمان.أما العبد المؤمن فإنه
حينما يصيبه المرض يصبر على لأوائه وشدته، جسده يتألم ولسانه يردد الحمد
والشكر لله رب العالمين على ما أولاه من آلائه ونعمه يريد بذلك الأجر
والثواب.جُرح أحد السلف فتبسم،
فقيل له في ذلك، فقال: إن حلاوة الأجر أنستني مرارة الألم؛ لذا كان المؤمن
منتفعاً بالأمراض والنوائب أيما انتفاع، إذ هي محطة الأوزار، وسلم
الدرجات، ومخازن الحسنات، ومواطن المحاسبة والاستعتاب، وطريق الرجوع إلى
الله تعالى مع ما فيها من إصلاح القلوب وتذكير العبد بنعم الله عليه، ولفت
انتباهه إلى حال إخوانه المرضى والمصابين. ويكفي فيها أنها سبب للنجاة من
النار وبلوغ المنازل العالية في الجنة، فالأمراض تحد من شهوات العبد
ولذائذه، والنار إنما حفت بالشهوات، وكلما تقلل العبد منها كان إلى الجنة
أقرب وعن النار أبعد، والأمراض من جملة المكاره والجنة إنما حفت بالمكاره
.. إلى غير ذلك من الفوائد والمنافع التي يجنيها المؤمن حال مرضه ما دام
محتسباً، ولم يكن ذلك الثواب مستغرباً عند من يفهم شريعة الإسلام من رفع
الدرجات، وزيادة الحسنات، وتكفير الخطيئات، فالعبد دائم العصيان كثير
النسيان لا يكاد ينفك عن الذنوب والخطايا، فمن رحمة الله تعالى بعباده أن
جعل هذه الأمراض والمصائب مخففات على العبد ومقللات لذنوبه، قال أبو بكر
رضي الله تعالى عنه: «يا رسول الله! كيف الصلاح بعد هذه الآية: [ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ]{النساء:123}،
وكل شيء عملنا جزينا به، فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست
تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ قال: قلت: بلى، قال: هو ما تجزون به»، أخرجه أحمد، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله بذلك خطاياه كما تنحط الورقة عن الشجرة»، أخرجه أحمد. ويزداد هذا التكفير
للخطايا بازدياد الأمراض والمصائب حتى لا يدع خطيئة إلا محاها، فيموت
المؤمنس حين يموت وهو نقي من الذنوب والأوزار، يقول النبي صلى الله عليه
وسلم: «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله ونفسه حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة» أخرجه الترمذي وصححه.وفي حديث آخر قال: «فإن مرض المسلم يذهب الله به الخطايا كما تذهب النار خبث الذهب والفضة».ينضم إلى تكفير الخطايا
زيادة الحسنات، ورفع الدرجات، روى مسلم عنه عائشة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة»، وفي الحديث الآخر: قال عليه الصلاة والسلام: «ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط عنه فيها خطيئة، وكتب له حسنة، ورفع له درجة» أخرجه الطبراني والحاكم ووافقه الذهبي.[font=Simplified Arabic][size=12]وقد يظن ظان أن هذا الأجر
العظيم إنما يكون
[/td][/tr][tr] [td class="alt2" style="border-style: none solid solid; border-color: -moz-use-text-color rgb(209, 209, 225) rgb(209, 209, 225); border-width: 0px 1px 1px;" valign="bottom"]
[img]http://cdn.maktoob.com/sh3bwah/images_no_sponcer/statusico