الاحتفال الحاشد في احتفال الذكرى الـ 48 لانطلاقة حركة فتح، وفي قطاع غزة بالذات، ينبغي ان يبعث الامل في ايجاد صيغة متكاملة ليس فقط لرأب الصف الفلسطيني في الظروف البالغة الدقة التي تعيشها المنطقة، في مستهل العام 2013، وانما ايضا في التصدي الفاعل لمخططات التهجير الجديد -والمتسلسل- لشعب عانى ما عاناه على امتداد عقود من الزمن.
كان امرا مشجعا ان يحضر نحو 700 ألف شخص مهرجان ذكرى انطلاقة الحركة، وهذا بمعزل عن الارباكات في تنظيم المهرجان في القطاع المحاصر والمكتظ بالسكان والمثقل بالهموم.
وكان امرا لافتا ان تعاود القيادة الفتحاوية التفاعل مع «حماسيي» غزة، والعكس بالعكس.. وان يؤكد الرئيس محمود عباس، في كلمة متلفزة وجهها من رام الله للمحتشدين في غزة، ان «لا بديل عن تحقيق المصالحة الداخلية لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية».
لكن هذا لا يكفي لترسيخ قناعة الفلسطينيين بضرورة تحقيق الحد الادنى من التماسك، ومن وحدة الصف (بين رام الله وغزة)، بينما يعيش اقرانهم من فلسطينيي سوريا ظروف التشرد والهجرة الجديدة بفعل القصف الدموي الذي يمارسه النظام السوري على مخيم اليرموك.
وما يخشاه كثيرون هو ان يبادر كل من قيادتي ابو مازن واسماعيل هنية الى تفسير نجاح احتفالات غزة كل بطريقته الخاصة: فتركز السلطة الفلسطينية على ان لا بديل امام الخصم الحماسي سوى القبول بالانتخابات التي تطرحها السلطة، بعد هذا الدعم الجماهيري للقيادة الفتحاوية وللرئيس محمود عباس، بينما ترد حكومة حماس بان القبول بهذا المطلب سيعني اهمال الاسس البديهية لاعادة بناء منظمة التحرير، الخ.
لا شك في ان القيادة المصرية ستحاول ايجاد صيغة جديدة لاستئناف جهود المصالحة الفلسطينية، لكن تحقيق النجاح، ولو في حده الادنى يتطلب وجود ارادة حقيقية لدى كل من الطرفين المتخاصمين، وذلك لدرء مزيد من التدهور ومن المآسي المتنقلة.
وبات واضحا ان اسرائيل التي تستعد لانتخابات الكنيست، تتهيأ لتعزيز الاستيطان على امتداد اراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، وسط دعوات الى تهجير فلسطينيي الضفة الى الاردن وسواه، وفلسطينيي القطاع الى سيناء وغيرها. وهذا يضع العرب جميعا امام مسؤولية بالغة الدقة، ولكن، قبل ذلك، فالفلسطينيون عليهم ان يدركوا حجم المخاطر، وان يضعوا جانبا الحسابات الذاتية والسيناريوهات المدمرة لقضيتهم، والتي سوف تسهل على اسرائيل تنفيذ مخططاتها المعلنة والجلية.