كان رحبان رجلاً قوياً حازماً حريصاً على آداء مهماته فمنذ زمن طويل
ورحبان هذا في خدمة حاكم البلدة يقوم بسفريات طويلة لإنجاز مراسلاته
مع الأمراء والحكام والملوك في البلدان الأخرى.
وجل وقته ذاهب بين سفر وقدوم حتى ألف تلك المهنة وأحبها وفضلها
على كثيرمن شؤونه.
كان شأن المراسلة صعب وشاق في زمن كانت وسائله تتطلب
الصبر على متاعب السفر لأيام وشهور وآلة ذلك هي الخيل التي
يخصصون بعضها لتلك الغاية وكان لابد ممن يستخدمها لهذا الغرض
أن يكون متمرساً يحفظ الطرق والأماكن ولا يتيه عن سبيل يستقصيه.
وقد كان رحبان رجل هذه المهمة بين قومه فهو المتمرس القوي الذي
يقهر مصاعب تلك المهمة في كل رحلة ولم يحدث له منذ عشرين سنة
ما يعترض وصوله إلى بلدة ارسل لها أو عاد منها فهو الخبير
بها وبشؤونها حتى وصفوه وسموه بها فهو(رحبان المراسل) عندهم.
كان ذلك قبل آخر رسالة حملها رحبان من الحاكم إلى بلدة
بعيدة يسير إليها شهر ونيف فحزم رحبان أمره وأعد العدة مع صاحبيه
لتبدأ رحلتهم قاطعين مسافة طويلة من الطريق حتى وصلوا عند وادٍ
فتوقف رحبان فجأة !! وتلفت في كل ناحية من المكان ثم نظر لصاحبيه
وقال مصرحاً بما لم يعتد من قبل: لقد ظللت الطريق !! ليست هذه سبيلنا
إلى تلك البلدة ولا عهد لي بهذا المكان من قبل وليس لنا إلا أن ننزل
هذا الوادي فنستريح قليلاً هذا النهار وحين يذهب عنا التعب
سا اصعد أنا هذا الجبل القريب لعلنا نهتدي إلى طريق غير هذه
وإلا سنعود للخلف حتى نجد طرف الطريق التي ظللنا فنتحول عنها ...
وعندما إستراحوا صعد رحبان قمة الجبل وما إن وصل حتى
رأى بأسفل الجبل قرية صغيرة خربة قد تهاوت بيوتها وإشتعلت
النيران فيها وسمع اصواتاً لنساء تنوح وخيل تصول وتجول
رأى على ظهورها الفرسان وقد إلتقوا في نزال لاهوادة فيه...