السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني أن أرفق لكم هذه القصة بعنوان: حين غضب القمر
راجياً أن تنال إعجابكم.
للكاتب القصصي: وصال سمير
غضب القمر، حين انتصبت كتمثال من الجمال، يفصل بينه وبين عشّاقه.
امتلكه النزق، فغاب عن أبصارهم، وبقيت هي وحدها متوردة مغناجاً.
سواد عينيها، سحر قلوب الناظرين إليها.. فتناسوا روعة القمر في الليل البهيج.
الألق البهي في ناظريها أطياف حلم، امتدت، واتسعت، حتى غطت الكون من حولهم.
تألم القمر الوردي، وهو يرى عشاقه، يلتفون حولها وهي تطلق ضحكاتها ضحكة إثر ضحكة عبر إيقاع موسيقي.. ويتأملون تقاطيع وجهها بنظرات سكرى، يسكنها الإعجاب الشديد.
صرخ القمر المستدير المتوهج الذي يتصدر قبة السماء، حين رأى النظرات تتجه إلى الأرض وتنسى السماء.. وتساءل بحرقة ومرارة: أهجره عشاقه؟؟
استكان هو أيضاً لضحكاتها الناعمة.. وابتدأ يعيد حساباته مع نفسه ومع الآخرين.. فأعطى الحق لعشاقها.
حين اكتشف هو نفسه أنه سرق نظرات سريعة منها، أشاح بوجهه خيلاء وغروراً وهو يقول:
- سأستعيد ذات يوم نظرات عشاقي.. ولكن.. بعد أن تختفي تلك الحسناء الواقفة بثقة شديدة بيني وبين من أحبوني مذ عرفوني.
غطى وجهه الجميل بهالة شفيفة.. وغيمة ظليلة.. تقعر واستند على جنبه الأيمن.. ثم استدار حائراً، تقعر، واستند على جنبه الأيسر مستعيداً في ذاكرته حالات العشق القديمة.. ثم أصرّ على الاختفاء.
الورود الملونة المغروسة في الحقل الواسع غضبت أيضاً.
فعشاق عطورها نسوها.. وتنسموا عطر تلك الواقفة بين أصدقائها وبينها.
ظلت الغانية تضحك وتضحك، وظل اللؤلؤ يخرج من فمها، وأقمار صغيرة تبزغ من نظراتها المخمورة..
اكتفى الواقفون أمامها بأشعة عينيها.. فلم يتعبوا عيونهم برؤية القمر.. واكتفوا بعطرها.. فلم يتنبهوا لعطر الورود. تعاون القمر والورود.. اتسع القمر حتى ملأ صفحة السماء.. ونشر نوره على الكون الواسع.. وامتد ضوع العطور حتى احتضن العالم..
وغابت الغانية في ضوع العطور، وضوء القمر. فرآها عشاقها أجمل.. وقد سكنها النور والعبق.